Saturday, August 19, 2006

كوني بخير بيروت



لن أقول أنني قد أختلف مع حزب الله

ولكنني أعترف أن نصر الله هزمنا جميعا حين هذب لحيته للقاء الصحافيين وربما للقاء أهله وجنوده.. وقد يكون بطلاً وإن تخلى عن حزبه ونصره ليلقى كذلك الله. . ويكتب من الشهداء.

وحين قال كردٍ على تعليق صحفي عن مظهره : أنا في حرب وما كنت أشم هوا.. صار أوسم من هذه الوجوه المغسولة ببول إسرائيلي عالي التركيز، بمستحضرات أمريكية الصنع والرائحة؛ والتي ـ أي الوجوه ـ تصيبنا بالغثيان وتمنحنا تأشيرة مجانية إلى أعالي الخيبة والمذلة بمجرد التفوه بالتحية لتسترسل في كلام لا موقف حقيقي في عباراته المتاخمة لصور التنديد والاستنكار والاستمناء.


-------------

السّاعة قاربت الفجر بالتوقيت المحلي لدولة الاغتراب... العصافير تمارس طقوس احتفال كل فجرٍ جديد، منشدة أغنية الأمل، التي لا تمل من تكرارها...

ترى هل سيشهد أهلي هذا الفجر؟ هل ستحتفل عصافير بلادي، كما هي أقرانها هنا... أم انتهت مهمتها بعد حلول الظلام؟ هل ستستيقظ أمي لتسقي نباتاتها من على شرفة المنزل؟ هل ستحضر قهوة الصباح لترشفها مع والدي؟ هل سيستيقظ أخي ليقبّل وجنة أبي قبل ذهاب الأخير الى عمله؟ وهل ستجلس قطتي على حافة الشرفة لترمق الشارع بنظراتها الحادة؟ ترى هل سأحيا لأرى من أحب، أم علي التمني بأن يحيا الآخرون لأراهم؟ ربما هي حالة الضياع في الأمل لمن لا أمل له...

هو اليوم القدري، يوم مات حلم استمر مذ تأسس هذا البلد الصغير، الذي عرفت قوته من ضعفه، وشموخه من عنفوانه... ترى هل سأحيا لأراك يا لبنان، أم هم أخذوك معهم على دبابادتهم؟ أخذوك الى مكان لا يعود منه من يذهب إليه... لبناني ماذا تبقى منك؟

جسد تلك الطفلة فاطمة التــــي سمتهـــا والدتها تيمناً باسم جدتها الصغرى فاطمة، وجدتها الكبرى فاطمة الزهراء، يرقد بجانب ذاك المبنى الذي لم يتبق منه سوى الذكرى، ذكرى طفلة تلعب، وأم تسقي نباتاتها، وأخ يقبل وجنة والده، وقطة ترمق الشارع بنظراتها... ذكريات لن تعود لأنها انطمرت مع أصحابها... ذهبت الى حيث لا طريق عودة.

جسد فاطمة يحمل ذكرى ابتسامتها الأولى، ممزوجةٍ بابتسامة أمها وأبيها ، يتغامزان، «ما هي الكلمة الأولى التي ستلفظها الحبيبة فاطمة؟» جسدها يحمل ذكرى المشية الأولى، التي كسرت معها أجمل مقتنيات المنزل لوالدتها.. ليتها تعود فاطمة وتكسر المنزل، لكن لتبقى! «فداك يا ابنتي الحبيبة كل مقتنياتي ولو طلبت هذه الروح لاعطيتك إياها!».

لكن فاطمة ذهبت... ذهبت بجريمة لا تعلم عنها سوى أنها «فاطمة» طفلة لبنانية تعيش في الجنوب، حيث يزرع الناس الكرامة فيحصدون الشموخ! حيث ينامون على أنغام القصف ويصحون على مشهد الموت...

مرتديةً فستانها الزهري اللون، تشبه به أميرة لعب الأطفال، «باربي» التي يحلم بها الفقراء ويشتريها الأغنياء، الفستان الذي ظلت أمها تدخر ثمنه تسعة أشهرٍ، مع أجرة الطريق كي تنزل الى المدينة وتشتريه... ذهبت فاطمة بفستانها... ذهبت هي وأميرة خيالها الصغير...

------

اريد احدا ما لأقتله..

ذراعا قوية لنحره من الاذن للأذن

قلبا ميتاً كي لا أتردد لحظة واحدة عن طعنه في القلب... في الروح

مجرد أضحية اغمس كفي بدمها

اريد احدا ما لأرديه حياً..


جاهز لإرتكاب مجزرة إضافية...لأكون عميلا إضافيا... قتيلا، ميتاً، ضحية، شهيداً اضافياً، جاهز لفعل أي شيئ يخلصني من لعنتها، من عجزي عن زمها أو امتداحها، خوفي من التورط في الرثاء المقيت، في التعاطف مع الدم،لست شاهد عيان على الكارثة، ولا نواحة،فقط أريد الاحتماء منها، التحرر من الأصوات، والروائح.... لست أكثر من شاحنة محترقة على حافة طريق، انقاض بيت، جسر، هدف ثابت وسهل لكل الاحزان المسموح بها دوليا،انا بصمة القاتل على الباب والمزهرية والقذيفة، أنا السمك النافق على الشواطىء،والشهوة المستترة بين عاشقين في طوبة ملجاْ رطب،قصة حب تتكون للتو بين جريح وعاملة في الصليب الاحمر، انا محطة كهرباء وخزان وقود، باب حديقة الصنايع، صخب جسر الكولا، قنبلة موقوتة في سيارة حليف.... فلا تطلبو مني اكثر من ذلك، لا تجبروني على قول مالا أريد.....



ناقم عليها هذه التي يلاحقها الخراب كلما نهضت منه.... لبنان ضحية اسمه ومعناه، وكل الحالمين بقضاء اشهر الصيف فيه.... اللعنة على السياح يا بيروت، والدبلوماسيين،و حملة الجوازات الغربية، قوى اذار وشباط ونيسان،ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح، الاكثرية، والاقلية، الحقائب الوزارية، مائدة الحوار،والخليجيين،و العمال السوريين، التلفريك، الاقتصاد الحر،الخادمات السرلنكيات، العاهرات الروسيات،الجواسيس، العملاء، المرابع الليلية،الكازينو،التبولة، الكبة النية، الدبكة، اللعنة على اللعنة، وعليّ من قبلهم، ومن بعدهم.

-----

لن أقول أنني قد أختلف مع حزب الله

ولكنني أعترف أن نصر الله هزمنا جميعا حين هذب لحيته للقاء الصحافيين وربما للقاء أهله وجنوده.. وقد يكون بطلاً وإن تخلى عن حزبه ونصره ليلقى كذلك الله. . ويكتب من الشهداء.

وحين قال كردٍ على تعليق صحفي عن مظهره : أنا في حرب وما كنت أشم هوا.. صار أوسم من هذه الوجوه المغسولة ببول إسرائيلي عالي التركيز، بمستحضرات أمريكية الصنع والرائحة؛ والتي ـ أي الوجوه ـ تصيبنا بالغثيان وتمنحنا تأشيرة مجانية إلى أعالي الخيبة والمذلة بمجرد التفوه بالتحية لتسترسل في كلام لا موقف حقيقي في عباراته المتاخمة لصور التنديد والاستنكار والاستمناء.


----

وسأصمت في الأخير

قبل أن أتحول إلى خائن صغير أكثر ما تهزمه.. كلماته الآن


عفواً، ليس الوقت للكتابة

ولا أجد لهذا الذي يحدث قولا مكتملاً

إنها الحياة في بوتقة الموت المستعرة

إنها الحرب.. .


----

مسروق من اكسجين

0 Comments:

Post a Comment

<< Home